Exceeders Blog

حوكمة تكنولوجيا المعلومات – أهميتها عملها و وتأثيرها في إنجاح أهداف مجلس الإدارة

Written by Antoine Alam | Feb 25, 2020 9:18:20 AM

 

زادت  في الأونة الأخيرة توترمجالس إدارة الشركات والبنوك حيال التطورات والتغييرات السريعة في مجال تكنولوجيا المعلومات وتأثيرها على أعمال شركاتهم وربحيتها وسرية بياناتها وحتى استمراريتها. وتزيد الحساسية من مخاطر تكنولوجيا المعلومات خاصة في المجالس التقليدية والتي تضم اعضاء غير ملمين بهذا الحقل وغير مدريكين مدى اعتماد شركاتهم  أومصارفهم على أصول المعلومات التي توازي بأهميتها أصول الشركات والمصارف، أو إلى دورتكنولوجيا المعلومات في تشكيل استراتيجيات هذه الشركات وهذه المصارف وتحديد مستقبلها، ناهيك عن موضوع أمن الشبكات والأمن السيبراني في أهميته وخطورته. إن عدم الأدراك هذا يؤدي في معظم الأحيان الى التباطؤ أوالتهاون في أخذ قرارات مصيرية وحتى وجودية. وهنالك أمثلة كثيرة على عدم تدارك شركات عالمية لمدى تأثيرالتطور التكنولوجي على أعمالهم ومستقبلهم مما أدى الى خسائر جمة وهبوط أسعارأسهمهم أو حتى إفلاسهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، شركة سيرز ألاميركية للبيع بالتجزئة، وشركة تويز  ار أس وغيرهم من الشركات.

 

أهمية حوكمة تكنولوجيا المعلومات

أما في دول الشرق الأوسط، فإن معظم مجالس الإدارة وخاصة المجالس العائلية لا تولي موضوع تكنولوجيا المعلومات أهمية خاصة ، وذلك لعدم وجود حوكمة لتكنولوجيا المعلومات بالأساس.

 كما في الدول الغربية كذلك في دولنا، يفتقرأعضاء مجلس الإدارة في كثير من الأحيان إلى المعرفة الأساسية واللازمة لطرح أسئلة محورية ليس فقط  حول مخاطر التكنولوجيا بل أيضًا المخاطر التسويقية والتنافسية  الناجمة عن عدم تطبيق التكنولوجيات الحديثة في الأعمال. في أغلب الأحيان تترك هذه المسؤولية الى مديري المعلومات، الذين يديرون أصول معلومات الشركات ، والذين يتفردون الى حد كبير بالقرارات و في معظم الأوقات طبقا ً لأهوائهم أومعرفتهم التي قد تكون محدودة أو ميالة. لذلك عدم وجود رقابة على أنشطة تكنولوجيا المعلومات من قبل مجالس الإدارة هو أمر خطير لإنه يعرض الشركة لنفس الأخطار التي يؤدي بها الفشل في أدارة  حساباتها وأصولها.

تداركت شركات عالمية عدة هذا الخطر فأنشأت لجان خاصة على مستوى مجالس الإدارة لمراقبة وإدارة تكنولوجيا المعلومات. وعملت لجان تكنولوجيا المعلومات على مستوى مجلس الإدارة مع لجان التدقيق والتعويض والحوكمة الخاصة بهم.  فأصبح دور لجنة حوكمة تكنولوجيا المعلومات رئيسيا ًومساعداً في أتخاذ القرارات المهمة ومراقبة الأداء مما أدى الى تفوقهم وحصولهم على ميزات تنافسية في أسواقهم.  ونذكر من هذه الشركات، شركة بروكتر  أند غامبل، شركة فودافون، ول مارت، وفيدرال اكسبرس.

 

عمل لجنة حوكمة تكنولوجيا المعلومات

يجب على مجلس الإدارة الذي يقرراعضاءه أنهم بحاجة إلى الإشراف على تكنولوجيا المعلومات، أن  يشكلوا لجنة حوكمة التكنولوجيا وذلك بضم مديرين مستقليين من ذووي الإختصاص، واعداد ميثاق اللجنة وتحديد علاقة اللجنة بلجنة التدقيق خاصة ً واللجان الأخرى عامة ً، ومن الأفضل أن يكون رئيس اللجنة ملماً ولو الى حد بالتطورات في  عالم التكنولوجيا وتأثيرها على أعمال الشركة أو المصرف.

وفي حال عدم توفر العدد الكافي من المديرين المستقليين لتشكيل لجنة حوكمة تكنولوجيا متكاملة، يوصى بأن يكون هناك مدير مستقل واحد على الأقل في هذه اللجنة خبيراً في تكنولوجيا المعلومات وأن يكون قد عمل إما رئيسًا تنفيذيًا أو مديرًا كبيرًا في شركة تكنولوجيا، او مستشاراً في شركة استشارية  حققت افكاره وانجازاته في مجال التكنولوجيا، تطورات جوهرية وجذرية  للشركات أوالمصارف التي عمل بها، وساهمت هذه الأفكار والإنجازات في تحقيق مكاسب مالية ومعنوية.

تتمثل مهمة اللجنة في فهم الخارطة المعلوماتية للإدارة التنفيذية وتأثيرها على أعمال الشركة وتطورها في المدى القريب والبعيد. ومما سيميز عمل هذه اللجنة هو مد جسر المعرفة والتواصل بين الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة. وعليه فأن دور الخبير هو دور محوري في هذه اللجنة لأنه سيساعد المديرين التنفيذيين على تجنب الخوض في التفاصيل التقنية والمصطلحات التكنولوجية إنما التركيز على الفرص المتاحة وعلى الصورة الكبيرة، مما سيسهل على مجلس الإدارة فهم واستيعاب هذه الخارطة. إن المحادثات حول استراتيجية تكنولوجيا المعلومات صعبة ويمكن أن تكون محبطة وفاشلة إذا تم سحب اللجنة او مجلس الإدارة الى التفاصيل الفنية.

 

كما إن عمل الخبير ضمن اللجنة يساعد على تقييم معايير الأمن السيبراني المعتمد و مدى فعاليته في تفادي  إختراق شبكات الشركة وخوادمها وتجنب سرقة بيانتها وبالتالي أسرارها.

في معظم الأحيان,  يقوم العديد من مديري المعلومات على تبني تقنيات جداً حديثة ولم تثبت فعاليتها متأثرين إما بالإعلام عن هذه التقنيات أومن الشركات المصنعة. غالباً ما يكون التبني المبكر لهذه التقنيات مكلفاً ومعقداً مما يؤدي الى فشل المشاريع وخسارات مالية كبيرة. وهنا ايضاً تكمن أهمية خبير تكنولوجيا المعلومات وذلك في  مناقشة الجدوى الفنية والاقتصادية كما الاستراتجية لتلك المشاريع وتكاليفها.

يجب ألا يكون لدى خبير تكنولوجيا المعلومات  فهم أساسي فقط في احتياجات الشركة الإجمالية من التقنيات ولكن أيضاً نظرة شاملة للهيكلية التقنية وهندسة النظم.  ويجب عليه أن يفهم تمامًا الديناميات الأساسية التي  تحكم التغييرات في التكنولوجيا وقدرتها على تغيير النظرة الاقتصادية للشركة.

بشكل عام ، إن وظيفة خبير تكنولوجيا المعلومات  هي نفس وظيفة الخبيرالمالي المعتمد في لجنة التدقيق. إن عمله يساعد في تحقيق التوازن بين إحتياجات العمل الحالية  للشركة والتأكد من مدى جدية وجدوى الإستثمارات في تكنولوجيا المعلومات على المدى الطويل.  إن علاقة لجنة حوكمة تكنولوجيا المعلومات بلجنة التدقيق يجب أن تكون وثيقة للغاية، لأن قضايا تكنولوجيا المعلومات يمكن أن تؤثر على المسائل الاقتصادية والتنظيمية. وعليه من الأفضل أن يكون هناك عضوً واحدً في لجنة التدقيق يعمل ايضاً كعضو في لجنة حوكمة تكنولوجيا المعلومات. كما ينبغي أن يصف ميثاق لجنة تكنولوجيا المعلومات العلاقة بلجنة التدقيق، ونظمها، وشرح الغرض منها، و تحديد  مسؤوليات الرقابة وجدول اجتماعتهم.

 

مساهمة عمل لجنة حوكمة المعلومات في أنجاح أهداف مجلس الإدارة

إن الشركات التي تعتمد على التقنيات الجديثة للبقاء في الصدارة وتوسيع أعمالها، إكتشفت مجالس إداراتها أهمية حوكمة تكنولوجيا المعلومات وخاصة في تحليل البيانات من خلال تطبيقات متخصصة ساهمت في مساعدة مجلس الإدارة والأعضاء على فهم ديناميكية الأسواق المنافسة، وسلوك وتفضيلات العملاء مما سمح لهم بتبني أفكار الإدارة التنفيذية وبأخذ قرارات سريعة و صحيحة أدت الى زيادة الطلب على منتوجاتهم أو خدماتهم وبالتالي رفعت أسهمهم في الأسواق المالية.  كما ساعدت لجان حوكمة المعلومات في مراقبة وتوجيه كبار المديرين وخاصة ًمديري المعلومات, وتحميلهم مسؤولية قراراتهم، ورصد عوائد الاستثمارمن مشاريع التكنولوجيا، والتأكد  من نجاحها مما ضمن مردود أفضل على المستوى العام للشركة واستمرارية ناجحة على المدى الطويل.

 

في النهاية، يعد تبني موضوع حوكمة تكنولوجيا المعلومات أمرًا بالغ الأهمية ويتطلب التزاماً صارماً من رئيس مجلس الإدارة وكافة الأعضاء لأنجاح عمل اللجنة.  يجب على أعضاء مجلس الإدارة وكبار المديرين تقييم تأثير تكنولوجيا المعلومات على عمل الشركة واستراتجيتها، وتحديد ما إذا كان إنشاء لجنة مراقبة لتكنولوجيا المعلومات أمرًا ضروريًا. إذا لم تكن الحاجة  للحوكمة مفهومة بشكل واضح، أوإذا لم يكن هناك قبول عام لإنشاء مثل هذه اللجنة فيجب على الشركة عدم المباشرة بذلك. أي جهد للقيام بذلك سيكون مضيعة للوقت، والفشل سيكون سيد  الموقف وسوف يفسد فرص إنشاء مثل هذه اللجنة في وقت لاحق.

 

أنطوان علم

رئيس تنفيذي -  شركة بلوغراس تكنولوجيز

عضو مجلس ادارة معتمد